وللإمام الماوردي قصة في الإخلاص في تصنيف الكتب، فقد ألف المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته, ولما دنت وفاته قال لشخص يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت ووقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة، فلما حضرته الوفاة بسط يده ، فأظهرت كتبه بعد ذلك.
5- وهذا عبد الواحد بن زيد يخبرنا بحديثٍ عجيبٍ حصل لأيوب وقد عاهده ألاَّ يخبر إلا أن يموت أيوب، قال عبدالواحد: كنت مع أيوب فعطشنا عطشاً شديداً حتى كدنا نهلك، فقال أيوب: تستر علي؟ قلت: نعم إلا أن تموت، قال: عبد الواحد فغمز أيوب برجله على حِراءٍ فتفجَّر منه الماء فشربت حتى رويت وحملت معي.
كانت بينهم وبين الله أسرار لو أقسم منهم على الله أحد لأبرَّه لإخلاصهم وصدقهم مع الله تبارك وتعالى.
6- وهذا أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي يقول عنه خادمه أبو عبد الله، كان محمد يدخل بيتاً ويُغلق بابه، ويدخل معه كوزاً من ماء، فلم أدر ما يصنع، حتى سمعتُ ابناً صغيراً له يبكي بكاءه، فَنهتهَ أمُهُ، فقلتُ لها: ما هذا البكاء؟ فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ القرآن ويبكي، فيسمعه الصبي فيحكيه، فإذا أراد أن يخرج غسل وجهه؛ فلا يُرى عليه أثر البكاء.
7- ودخل عبد الله بن محيريز دكاناً يريد أن يشتري ثوباً، فقال رجل قد عَرَفَه لصاحب المحل: هذا ابن محيريز فأحسِن بيعه، فغضب ابن محيريز وطرح الثوب وقال " إنما نشتري بأموالنا، لسنا نشتري بديننا ".
8- وقال ابن عيينة: كان من دعاء المطرِّف بن عبد الله: " اللهم إني أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك، فخالط قلبي منه ما قد علمت