تعريف الخلق: الخُلق بضم اللام وسكونها: الدين والطبع والسجية. [ابن الأثير في غريب الحديث].
وفي الاصطلاح: يطلق إطلاقين أحدهما أعم من الثاني فيطلق على الصفة التي تقوم بالنفس على سبيل الرسوخ ويستحق الموصوف بها المدح أو الذم، ويطلق على التمسك بأحكام الشرع وآدابه فعلاً وتركاً، ومن الأول قوله -صلى الله عليه وسلم- لأشج عبد القيس: (إن فيك لخلقين يحبهما الله الحلم والأناة) قال: يا رسول الله أخلقين تخلقت بهما أم جبلت عليهما قال: (بل جبلت عليهم) قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله.
ومن الثاني قوله -صلى الله عليه وسلم-: (البر حسن الخلق) وقول عائشة رضي الله عنها في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، كان خلقه القرآن. هذا تعريف الخلق في اللغة والاصطلاح.
أخلاقه الفاضلة وسجاياه الحميدة
كان -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقاً، اجتمع فيه من أوصاف المدح والثناء ما تفرق في غيره، فقد صانه الله سبحانه وحفظه من أدنى وصف يعاب صاحبه. كل ذلك حصل له من ربه فضلاً ومنةً قطعاً لألسنةِ أعدائه الذين يتربصون به ويقفون في طريق دعوته محذرين منه أحب شيء إليهم تحصيل شيء يعيبونه به وأنى لهم ذلك.
فقد نشأ -صلى الله عليه وسلم- متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، فهو أعلم الناس وأنصحهم وأفصحهم لساناً، وأقواهم بياناً، وأكثرهم حياءً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق والعفاف.
أدبه الله فأحسن تأديبه فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأكملهم قوة وشجاعةً وشفقةً، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلةً، وبالجملة كل خلق محمود يليق بالإنسان فله -صلى الله عليه وسلم- منه القسط الأكبر والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه وأبعدهم عنه شهد له بذلك العدو والصديق.
وفيما يلي أورد بعض الشهادات التي شهد له بها الموالون له والمعادون، والتي تدلُ دلالةً واضحةً على تمسكه بالأخلاق الحسنة قبل أن يبعثه الله تعالى وذلك معلوم من الدين بالضرورة.
افادني الله واياكم